يُحكى أنه كان هناك مجموعة من القنافذ تعاني البرد الشديد...
فاقتربت من بعضها وتلاصقت طمعاً في شيء من الدفء؛ لكن أشواكها المدببة آذتها..
فعادت وابتعدت عن بعضها فأوجعها البرد القارص،فاحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق وعذاب البرد، ووجدوا في النهاية أن الحل الأمثل هو التقارب المدروس...
بحيث يتحقق الدفئ والأمان مع أقل قدر من الألم ووخز للاشواك..
اقتربت؛ لكنها لم تقترب الاقتراب المؤلم..
وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطّم أمنها وراحتها.
وهكذا يجب أن نفعل في دنيا الناس؛
فالناس كالقنافذ،
يحيط بهم نوع من الشوك غير المنظور،
يصيب كل من ينخرط معهم بغير حساب،
ويتفاعل معهم بغير انضباط.
وانظر تَرى كيف أن رفع الكلفة والاختلاط العميق مع الناس،
يؤذي أكثر مما يُفيد، ويزيد من معدل المشاحنات والمشكلات.
إن النبيه من يتعلم الحكمة من القنافذ..
فيقترب من الآخرين اقتراب من يطلب الدفء ويعطيه،
ويكون في نفس الوقت منتبهاً إلى عدم الاقتراب الشديد حتى لا ينغرس شوكهم فيه فيؤذية..
بلا شك الواحد منا بحاجة إلى أصدقاء حميمين يبثّهم أفراحه وأتراحه
يسعد بقربهم ويُفرغ في آذانهم همومه حيناً..
وطموحاته وأحلامه حيناً آخر.
لابأس في أن يكون لك صفوة من الأصدقاء المقرّبين؛
لكن بشكل عام، يجب -كي نعيش في سعادة- أن نحذر الاقتراب الشديد
والانخراط غير المدروس مع الآخرين؛ فهذا قد يعود علينا بآلام وهموم نحن في غنى عنها.
عِش في الدنيا وبينك وبين سكانها مساحة ثابتة تتيح لك أمان غَدَراتهم،
وسوء تدبيرهم. وتذكّر دائماً أن الناس كالقنافذ..
قد يؤذونك بسوء فهم
أو بتحليلهم الخاطيء
أو بوشاية ظالمة
أو حسد على ذاك الذي أنعمت عليه بصداقتك
واحتويته بلطفك ومساعدتك
فتراهم يكثرون القيل والقال
ويضمرون في أنفسهم ما لا يبدون
ويكيدون وانت محسن الظن بهمِ
كن على حذر فهذة هي دنيا البشر..