قطعة من حديد كان أخوان اثنان ماضيين من الريف إلى المدينة،
في الصباح الباكر، لبيع ما لديهما من خضر،
يحملانها على ظهر حمار،
وكانا قد اتفقا على أن يمتطي أحدهما الحمار في الذهاب،
وأن يمتطيه الآخر في الإياب.
وفي الطريق،
رأى الأخ الذي يركب الحمار قطعة حديدية صغيرة،
فقال لأخيه الماشى:
(التقط تلك القطعة، فقد نبيعها، ونستفيد بثمنها)،
فأجابه أخوه:
(أنا لا أكلف نفسي عناء الانحناء
لالتقاط مثل تلك القطعة الصغيرة،
فهي لا تساوي شيئاً،
وما كان من الأخ الذي يمتطي الحمار إلا أن نزل،
والتقط القطعة الحديدية، ومضى بها).
وفي المدينة،
باع الأخوان ما لديهما من خضر،
وهمّا بالرجوع إلى القرية،
ولكن الأخ الذي التقط القطعة الحديدية ذكر القطعة،
فعرضها للبيع، فباعها، بثمن معقول،
اشترى به بعض الخوخ،
ومضى الأخوان،
الذي اشترى الخوخ يسير،
والآخر يمتطي الحمار، كما اتفقا
.
وكانت عودتهما في الظهيرة،
وقد قوي الحر، وفي الطريق،
أحس الذي يمتطي الحمار بشيء من العطش،
فطلب من أخيه أن يعطيه خوخة واحدة،
فرمى له الأخ بحبة على الأرض،
فاضطر إلى النزول لالتقاطها،
ثم عاد إلى ظهر الحمار،
ولم يمض بعض الوقت،
حتى أحس بالعطش ثانية،
فسأل أخاه أن يعطيه خوخة ثانية،
فرمى له أخوه بحبة أخرى،
فاضطر أيضاً إلى النزول لالتقاطها،
ولم يمض بعض الوقت،
حتى أحس بالعطش ثالثة،
ومرة أخرى رمى له أخوه بالخوخة إلى الأرض،
فاضطر إلى النزول لالتقاطها.
ولما التقطها، ورجع إلى ظهر الحمار،
سأل أخاه:
(لماذا تعذبني، وترمي إليّ بحبة الخوخ إلى الأرض؟!)، فأجابه:
(لو أنك كلفت نفسك مرة واحدة الانحناء
لالتقاط تلك القطعة من الحديد في الذهاب،
لما اضطررت إلى النزول إلى الأرض،
ثلاث مرات، في الإياب، ولكان الخوخ كله معك).