يمكن أن نقول إن الحب مزرعة الأمل.. فيه, ينبت ويكبر ويزهر ويثمر.. ويستمر الأمل باستمرار الحب. وحتي( الحب من طرف واحد) رغم ما فيه من عذاب وإحباط, فإن الأمل فيه يظل محور تفكير المحب.. يأمل في أن يستجيب الطرف الآخر, وأن يبادله الحب. ولو فقد الأمل.. لذبل الحب كما تذبل الزهور!! إن الأمل,في الحب, يرويه ويغذيه. والأمل يرتوي بالرحيق.. أما رحيق الحب.. فهو ابتلال العيون والشفاه والقلوب, بالدموع والرضاب... وضخات الدم السكران في العروق...
أريد أنأقول إن الأمل هو روح الحب. (أنا بالأمل.. أسهر ليالي..) هكذا تغنى أم كلثوم . والمعني, أن الأمل, هو القشة التي يتعلق بها الغريق والغارق في بحر الغرام.. ربما يستمد منها قوة علي الوصول إلي شاطئ الأمان.. وربما يسقط إلي القاع مصدوما باستحالة النجاة!!ورغم كل هذا, فإن هناك حالات يكون الأمل فيها صعبا أو مفقودا, أو مستحيلا.. ويبقي الحب علي وهجه. هنا يصبح الأمل نوعا من الاصطبار علي المستحيل.. والتشوق إلي مجهول لا نعرفه, والتعلق بمرائي الارتياح.. والأمان!! ورغم الاستحالة, فإن الأمل يعبث في المخيلة.. ويبعث في القلب أملا بعد أمل.. فالحب يتناقض واليأس.. وإذا استحال شيء فيه, فإن القلب سرعان ما يصطنع وقائع يقربها إلي الحقائق.. كما يصطنع الجسد أجساما مضادة لليأس!!
إن المحب لا تثنيه صعوبة.. ولا ترده استحالة.. لسبب بسيط جدا, هو أن الحب خروج عن كل قانون مألوف, وابتعاد عن كل نظام معروف!! كل شيء في الحب قابل للتحقيق.. لأن الحب قفز فوق أسوار الواقع وسباحة ضد التيار.. ومعايشة دائمة مع رؤي وأحلام وخيالات يستشعرها المحب حقائق يعيش بها.. وفيها.. وعليها!!
وإذا كان المطرب يقول إن( الحب من غير أمل, أحلي معاني الحياة) فهو مخطئ!! لأن الحب بدون أمل, محنة مريرة, لا يستطيع أحد أن يتخلص منها. فهي عذاب 0(من فوقه عذاب ومن تحته عذاب)!! لكن الغريب في هذه الحالة, إن الأمل فيها ليس مفقودا دائما عند من يواجه المستحيل أو الصعب. ذلك أنه كلما ازداد لهب الحب, اشتعل الأمل.. في المستحيل!! أي أن الأمل يتناسب مع الحب تناسبا طرديا علي طول الخط. وحين يكون الضعف أو الوهن قد أصاب المحب نفسه, فإنه يعيش الحب بلا أمل, في حين أن آماله تتعاظم بتعاظم الشعور لديه بالحب.
وليس صحيحا إذن أن هناك حبا بلا أمل!! ذلك أننا إذا حددنا الأمل بأنه( الاقتران) أو(الالتحام) بالحبيب, فإن هذا أو ذاك, هو الأمل المفقود.. أو هو الأمل المستحيل!! أي أن ما فيه المحب, هو المستحيل.. هو الأمل المفقود. لكن ما( يشعر) به الحب, هو الأمل الباقي الذي يعيش عليه ويرتاح إليه!!
(زواجي) بالمحبوب مستحيل.. أمل مفقود!!( لقائي) بالحبيب أمل ضائع.. لن يعود.. هذا ما(أفكر) فيه... لكن( حبي) للحبيب, ليس أملا ضائعا أبدا!! الحب لا يضيع.. ولا يتبدد.. يجري في العروق باللهب والشوق والاصطبار.. يصنع أملا بعد أمل.. كأن الآمال كرات دم بيضاء وحمراء.. يصطنعها الحب بذاته دون تدخل من أحد.. لذلك, فإن الأمل وإن خبا... وإن الأمل وإن ضاع واستحال.. فإن الحب لا يضيع ولا يستحيل!! ربما يبقي هو, أصلا ثابتا راسخا في جدار القلب وعمق الروح!! ربما يبقي ليضرخ في الجسد قدرةعلي البقاء.. وفي القلب نفسه قدرة علي النبض!!
وحين تتساقط الآمال صرعي الواقع, وضحاياها... تتصاعد الروح بنبض القلب المحب.. يرسل إشعاعات مبهرة, مثل برق يخطف البصر.. ينذر برعد قاصف ... رحيقا للحب.. ليرتوي... ويعيش.. ولو بلا... أمل..!!
هكذا بقئ الحب من غير امل اسمى واحلى معانى الغرام ولكنة يبقئ موجودا.