تأسي واقتداء: ذلك أنّ جبريل عليه السلام كان يدارس الرسول صلى الله عليه وسلّم القرآن في شهر رمضان،
وكان صلى الله عليه وسلّم يكون عند ذلك أجود ما يكون،
فكان بذلك يكون كالريح المرسلة المحمّلة بالخير العظيم،
وعليه فيستحبّ للمسلم تقوية علاقته بالقرآن الكريم تلاوة وفهماّ وتدبراً،
والاستفادة من ساعات الليل حيث الهدوء والسكينة.
اجتهاد في رمضان: وهذا ظهر في علاقة السلف بالقرآن الكريم،
فقد كان الإمام مالك متى دخل رمضان يترك الحديث ومجالسة أهل العلم وينشغل بالقرآن،
أمّا سفيان الثوري فكان متى دخل رمضان ترك جميع العبادة وانشغل بالقرآن،
فلا عجب في ذلك، فرمضان هو شهر نزول القرآن،
وفيه ليلة هي خير من ألف شهر تكريماً ورفعاً لقدر القرآن الكريم،
وهي ليلة القدر، فينبغي أن يكون للقرآن تميّز خاص في شهر رمضان.
عبادة شافعة: تجتمع عبادتان في شهر رمضان عبادة الصيام وعبادة تلاوة القرآن،
وهما تشفعان لصاحبهما يوم القيامة
للحديث الشريف (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ:
أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه،
يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ) [صحيح].
جهاد للمسلم: في شهر رمضان يكون للمسلم جهادان
جهاد في النّهار بقهر النّفس وحملها على الصيام ومغالبة الهوى،
وفضول الكلام وسائر المعاصي،
وجهاد بالليل بمجاهدة النفس وحملها على القيام وتلاوة القرآن الكريم.
قراءة القرآن الكريم في رمضان لا بدّ للمسلم من استثمار هذا الشهر العظيم
بترتيب علاقته بكتاب الله عز وجل ضمن مسارات ثلاث:
ورد التلاوة أن يجعل المسلم لنفسه برنامجاً متميّزاً منتظماً وثابتاً لتلاوة القرآن الكريم بشكل يومي،
بحيث تتميز فيه علاقة المسلم بالقرآن الكريم عن باقي الشهور.
ورد التفكر والتأمل يجعل فيه المسلم لنفسه برنامجاً واضحاً يمر من خلاله على القرآن الكريم كاملاً فهماً لآياته،
ووقوفاً عند أحكامه، من خلال الاستعانة بكتب التفسير المتوفِّرة لديه،
وحبذا التركيز على الكتب ذات الطابع التفسيري والتربوي في ذات الوقت ككتاب الظلال مثلاً.
ورد الحفظ الغيبي في هذا المسار أو الورد يرتب المسلم لنفسه برنامجاً ثابتاً ومنظّماً في حفظ القرآن الكريم،
بحيث يربط بين الحفظ الذهني في النّهار، ويثبت ما حفظه من خلال القيام به في الليل