فن الكف الصعيدي الأسواني نوع من الفن الشعبي نشأ وأنتشر فى صعيد مصر ثم فى باقي ارجاء القطر المصري يعتمد بشكل كبير على الأرتجال من جانب الفنان أو القوال الذي يؤدي هذا الفن وهو فن منبثق من فن النميم وحمله فنانين أسوان على عاتقهم ونشروه فى ربوع الصعيد وباقي أنحاء الجمهورية المصرية . فن "الكف" فى الصعيد يقوم على فكرة "الكلمة "وليس على الموسيقى ، فيكون تركيز المستمعين والحضور على الكلام الذى يقال ، والذى يتناول مواضيع المجتمع ومشاكله وأحداثه . تدرج هذا الفن في العديد من الأشكال منها ما كان على شكل حلقة سامر ويسمى « فن القول ». وكان يدعى إلى الحلقة طرفان متخاصمان أو متحابان، في مبارزة كلامية تصحبها تصفيقة معينة بالكفوف فقط مع قوة التعبير ، فلم يكن الدف وقتها قد أدخل على هذا الفن، وكانت النساء يشاركن فيه مشاركة فعلية «بالقول و بالحركات الراقصة » فهن عضو أساسي في الفريق المؤدي لهذا الفن . تبدأ الفتيات بالمشاركة بعد أن ينتهي الفنان غناء النغمة الهادئة (القبلاوي ) وهن لايزدن على ثلاثة من أهل المناسبة ، يؤدين مع بقية أعضاء الفرقة الحركات الإيقاعية الراقصة . الفتيات ينزلن مجاملات وترتدي كل منهن ثوباً أسود وشالاً أسود يغطي الرأس.
كان يتم غناء هذا الفن على إيقاع دقات الكفوف من جانب المصاحبين للمؤدي ثم أدخل عليه آلة الدف مع التصفيق ، ثم دخلت آلات أخرى على ذلك الفن خلافاً للدف، مثل: العود والطبلة والناي. يستخدم هذا الفن فى أحياء ليالي العرس والمناسبات المختلة فى الصعيد ، كان المنادي يخرج للإعلان عن إقامة الاحتفال في بيت فلان وغالبا ما كانت تقام تلك الاحتفالات من بعد صلاة العشاء.
يتم أداء فن الكف الصعيد بشكل متعارف عليه منذ القدم حيث يبدأ الطقس بحضور مطربي القرية ـ ثلاثة فما فوق ـ معهم ضارب الدف يجلسون على اريكة او اكثر و من حولهم المساند و هم بالطبع غير محترفين اي انهم لا يتقاضون اجورا مثلما يحدث الان ، ثم يأتي الكفافة وهم من شباب و رجال القرية ليقفون صفا بالتوازي في مواجهة المطربين ، وسبب هذه التسمية لانهم يستخدمون كف اليد فى ضبط الإيقاعات ويبدأ الفنان بالصلاة على النبي ثم يتبعها بمواويل تصف أحوال بيئته وأحوال العاشقين ، ثم يبدأ الشباب ( الكفافة ) فى أرتجال خانة ( جزء من موال مربع ) وهم يصقفون والصقفة تحدد سرعة الإيقاع ويبدأ ضارب الدف فى اللعب مع إيقاع الصقفة ويتمايل الكفافة فى حركة واحدة متبعين قائد الصف امهرهم في الرقص يحركون اكتافهم و اياديهم و اقدامهم في تناغم جميل ثم يبدأ احد المطربين في الغناء مرتبطا بموضوع الخانة اي انه سيغني لليل يشكو له احواله بسبب هجر المحبوب او المريود وفق اللهجة المحلية و هكذا و بمجرد ان ينتهي المطرب من غنائه يتوقف الكفافة عن الرقص و يميلون بجذوعهم الي الامام مرددين الخانة نفسها و هو يصفقون ، ليتسلم بعده مطرب اخر الموضوع ذاته لكن بابيات مغايرة و بعد هذه المقدمات المعتادة تبدأ الاثارة ، اذ يغير الكفافة الخانة والايقاع و هنا يبدأ دور الارتجال فالكفافة قبل العرس يتفقون على الخانات التي سيطرحونها و لابد من ان تكون جديدة لاظهار القدرة على الابداع امام منافسين اخرين و في الغالب فان من بين هؤلاء الكفافة شاعر شعبي لكنه لا يجيد الغناء او الارتجال فيكتفي بتأليف الخانة او كما يقال ( يفننها) و الخانات لا تقال مرة اخرى في الافراح التالية الا اذا كانت مميزة و شاعرة ، و في وقت قديم كانت الخانة لاتزيد عن بيت او اثنين من الشعر مثلا : - يا حمام ارجع لبروجك يا حمام
- يا مظلوم أصبر على جرحك يا مظلوم
- بخت العدالة مايل ليه بخت العدالة
و المهم انه عندما تقال الخانة الجديدة لابد ان تعاد لاكثر من مرة لسببين الاول كي يحفظها المطربون و الثاني كي يشخذوا عقولهم من اجل الارتجال حول الموضوع الجديد ، وهنا تظهر براعة مطرب عن اخر و يجد الجائزة الفورية بهتاف المعازيم استحسانا ، و لا مانع من ينشد المطرب الشاعر بعضا من المواويل التي تضفي جوا من السلطنة على الحضور ، اما قمة الاثارة فحين تنزل ( الراقص ) الي الساحة و الراقص في الغالب فتاة صغيرة السن ترقص امام الكفافة و علي رأسها شال اسود يغطي وجهها و معظم الجسد العلوي ، وذلك بسبب التقاليد المحافظة ، و حتى لا تقع الفتاة في حرج كبير فانه في الغالب ترقص معها احدى كبيرات السن و تلتزم ايضا بالشال الاسود و حين تنزل الراقص يشتعل الميدان حيث يدك الرجال الارض باقدامهم الي ان يتصاعد العجاج او الغبار في السماء و يتحلقون حولها في نصف دائرة تتحرك في جميع الاتجاهات بينما الراقص في الوسط مثل نقطة في حرف النون و تكثر خانات الغزل الرقيق في تلك الحالة .
ومن طريف القول فى فن الكف انه عندما تنزل فتاة للرقص امام فرقة الكف منفردة ينشد اعضاء الفرقة لها قائلين :
نازل وحدك فرداني هتقدر على مين
اشكيلك قوم بتشكيلي
اشكي الوجيعة لمين ؟
هذا الفن له ثلاث طبقات رئيسية تبدأ بنغمة هادئة « القبلاوي» فأسرع منها «التشيلة» فالأسرع وتسمى «الجنزير»، مؤكدا أنها جميعا كانت ولابد وأن تبدأ بالصلاة على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن خلفه أفراد الفرقة يرددون بعض الكلمات مع الحركات الإيقاعية الراقصة.
حلوة صلاة نبينا في قلوب العاشقين
وأمدح طه نبينا عمود المسلمين
وغالبا ما يلحقها الفنان أو المؤدي بإحدى المواويل، والتي تصحبها حركات هادئة وتصفيقه معينة بالكفوف من أفراد الفرقة على نغمات «الدف» مع الصقفة قديماً وعلى نغمات العود حديثاً .
كل حي يلزم مكانه وكل طير وله وليفه
أول قول وبداية بالصلاة على النبي صلوا على نبينا جملة يا حاضرين
والفن احنا ربابه قواله من زمان قوم إتقلب تعال جولك رباب الهوى
أسوان تتشابه مع مدن جنوب محافظة البحر الأحمر ( حلايب وشلاتين ) والوادي الجديد وبعض المناطق فى صعيد مصر (في قنا وسوهاج وأسيوط) في فنون الكف إلا أنها تستخدم آلة الطنبورة ومناطق الصعيد تستخدم آلة الرباب والدف والطبول حيث الرقص الجماعي والتصفيق بالأكف والدق بالأقدام .
فرق الكف تشارك فى إحياء كافة المناسبات من أعراس الزواج والحج والطهور وغيره . |