ا الام كلمة عظيمة كبيرة الكل يشعر بهاجميعا من تكرارها، بل تزداد كل يوم ارتقاء وسمو ورفعة وتظل سرا غامضا يكتنز دفء الحياة بأكملها،وهو شعور متبادل, محبة عميقة متأصلة داخل وجداننا مابين حب أم لأبنائها وحب أبناء لأمهاتهم.
عيد الأم هو يوم تكريم الأمهات واعتراف عالمي برسالة الأم وبدورها وتضحياتها الكبيرة، ويحتفل بهذا اليوم في العالم العربي في 21 آذار، وفي أيام مختلفة في أماكن أخرى حول العالم، ويرجع الكثيرون هذا العيد إلى أصول عدة، حيث ترجع إحدى المدارس الفكرية هذا العيد إلى اليوم الذي خصص لعبادة الأم في الحضارة اليونانية القديمة حيث كان يقام احتفالٌ لـ(سيليب) أم جميع الآلهات الأخرى، وفي بعض البلدان لا يعتبر الاحتفال بعيد الأم على نحو فردي بل يعتبرونه عائداً إلى السيد المسيح. ففي بريطانيا وايرلندا يسمى يوم أحد الأمومة أو يوم الأم ويصادف الأحد الرابع من (الصوم الكبير)، ويعتقد أن هذه الاحتفالية نابعة من ممارسة تعود إلى القرن السادس عشر تتمثل في أن يقوم الفرد بزيارة كنيسة والدته مرة واحدة سنويا ما يعني أن معظم الأمهات سوف تجتمع من جديد مع أبنائها وبناتها في هذا اليوم ومن هنا أصبح (يوم الأم) أساسا للاحتفال وتقديم الشكر والامتنان لها.
بينما تحتفل الولايات المتحدة بهذا اليوم في الأحد الثاني من شهر أيار من كل عام، وهو مستوحى بشكل واسع من يوم الأم البريطاني حيث استوردته إلى الولايات المتحدة الناشطة الاجتماعية (جوليا وارد) بعد الحرب الأهلية الأميركية، وعلى كل حال كان يمثل هذا اليوم دعوة لتوحد النساء ضد الحرب، وفي عام1870 كتبت جوليا (مناداة يوم الأم) كدعوة للسلام ونزع السلاح الفكرة التي استوحتها من (آنا جارفيس) وهي ربة منزل والتي حاولت، ابتداء من عام 1858 تحسين المرافق الصحية من خلال ما سمته بـ (يوم الأم للعمل) فقامت بتنظيم عمل النساء في الحرب الأهلية على تحسين الظروف الصحية لدى الجانبين، وفي عام 1868 بدأت العمل على التوفيق والتوحيد بين الجيران وعندما توفيت عام 1907 بدأت ابنتها باسم " آنا جارفيس " أيضا لإيجاد يوم مخصص للأم، واحتفل بأول يوم لعيد الأم (غرافتون)، بفيرجينيا الغربية في العاشر من أيار 1908 في الكنيسة التي قامت فيها جارفيس الأم بالتدريس كل يوم أحد،لهذا تعتبر " غرافتون " المزار العالمي ليوم الأم، ومن هناك انتشرت هذه المناسبة إلى 45 ولاية أخرى. كما أن هذا اليوم اعتبر إجازة رسمية في بعض الولايات ابتداء من العام 1912 . أما عن فكرة الاحتفال بعيد الأم العربي فبدأت في مصر على يد الأخوين (مصطفى وعلي أمين) مؤسسي دار أخبار اليوم الصحفية، فقد وردت إلى علي أمين رسالة من أم تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وتتألم من نكرانهم للجميل، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير (فكرة) يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمنزلة تذكرة بفضلها، وأشارا إلى أن الغرب يفعلون ذلك،وإلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم، فانهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، وتم اختيار يوم 21 آذار ليكون عيداً للأم، وهو أول أيام فصل الربيع، ليكون رمزاً للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة، واحتفلت مصر بأول عيد أم في 21 آذار عام 1956م ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلاد العربية الأخرى..
بر الأم
قال الله تعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } [ النساء / 36 ] .
وقال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } [ الإسراء / 23 ] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك .
رواه البخاري ( 5626 ) ومسلم ( 2548 ) .
قال الحافظ ابن حجر : قال ابن بطال : مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر ، قال : وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها ثم تشارك الأب في التربية ، وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين } ، فسوَّى بينهما في الوصاية ، وخص الأم بالأمور الثلاثة ، قال القرطبي : المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر ، وتقدَّم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة ، وقال عياض : وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب ، وقيل : يكون برهما سواء ، ونقله بعضهم عن مالك والصواب الأول .
" فتح الباري " ( 10 / 402 ) .
بل وحتى الأم المشركة فإن الشرع المطهر الحكيم رغَّب بوصلها :
فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : قدمتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : قدمتْ عليَّ أمِّي وهي راغبة أفأصل أمي ؟ قال : نعم صِلِي أمَّك .
رواه البخاري ( 2477 ) .
الأم في بلاد الغرب
إن المتتبع لأحوال الأسرة عموما وللأم خاصة في المجتمعات الغير إسلامية ليسمع ويقرأ عجباً ، فلا تكاد تجد أسرة متكاملة يصل أفرادها بعضهم بعضاً فضلا عن لقاءات تحدث بينهم وفضلا عن اجتماع دائم .
وكما قال بعض المشاهدين لبلاد الغرب: إنك قد تجد في الأسواق أو الطرقات أما وابنها أو ابنتها ، أو أبا وابنه وابنته ، لكنه من النادر أن تجد الأسرة كاملة تتسوق أو تمشي في الطرقات .
وعندما يصير الأب أو الأم في حالة الكِبَر يسارع البار ! بهما إلى وضعهما في دور العجزة والمسنِّين ، وقد ذهب بعض المسلمين إلى بعض تلك الدور وسأل عشرة من المسنِّين عن أمنيته ، فكلهم قالوا : الموت !! وما ذلك إلى بسبب ما يعيشه الواحد منهم من قهر وحزن وأسى على الحال التي وصل الواحد منهم إليها وتخلى عنهم فلذات أكبادهم في وقت أحوج ما يكون الواحد إليهم .
ولكن هل يكفي يوم واحد في السنة لبر الأم ؟
إننا مطالبون ببرها كل أيام السنة وإذا كان الغرب أوجد عيد الأم للتذكير بها ، فنحن لا نحتاج لذلك ففي كل يوم عندنا نحن المسلمون يوما للأم .
حفظ الله أمهاتنا وأعاننا على برهن .
توقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيعي:همسة عتاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]