قال شمس الحق العظيم أبادي : الرقية هي العوذة بضم العين أي مايرقى به من الدعاء لطلب الشفاء - عون المعبود ، شرح سنن أبي داود (10/370)-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الرقى بمعنى التعويد و الاسترقاء لطلب الرقية هو من أنواع الدعاء -مجموع الفتاوي (1/182/183 )-
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني : رقى - هي مايقرأ من الدعاء لطلب الشفاء من القرآن ، ومما صح من السنة ، وأما ما اعتاده الناس من الكلام المسجوع الممزوج بكلمات لايفهم لها معنى ، وقد تكون من الكفر و الشرك فإنها ممنوعة من السخفات ، ما يضاف إليها من الخبز بعد أن تدخل فيه السكين أو السيخ أو الماء بعد أن يوضح في أوان كتب عليه بعض الكلام ، أو وضع فيها الأوراق التي كتبت عليها الكلام أو الطلسمات ، فإنها من عمل الشيطان ، وتخريف أدعياء العلم و يساعد عليها ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ولو صح قول النبي صلى الله عليه وسلم " هي من قدر الله " فمعناه : أن قدر الله كائن لايرد - ضعيف سنن الترميذي ص 231-232-
أقوال أهل العلم في بيانها :
قال الربيع رحمة الله : سألت الشافعي رحمه الله عن الرقية فقال : لابأس بأن يرقى بكتاب الله و بما يعرف من ذكر الله
وقال الخطابي رحمه الله: فإذا كانت الرقية بالقرآن و بأسماء الله فهي مباحة و إنما جاءت الكراهة فيما كان منها بغير لسان العرب فانه يكون كفرا أو قولا يدخله الشك – أعلام الحديث ( 2 /1112 )-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : و أما معالجة المصروع بالرقى و التعويذات فهذا على وجهين :
1 – فإذا كانت الرقى و التعاويذ مما يعرف معناه ومما يجوز في دين الإسلام أن يتكلم بها الرجل داعيا الله ذاكرا له مخاطبا لخلقه ونحو ذلك ، فإنه يجوز أن يرقى بها المصروع ويعوذ فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أذن في الرقى مالم تكن مشركا – أخرجه مسلم و أبو داود – و قال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل – أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجة –
2 – و إن كان في ذلك كلمات محرمة مثل : أن يكون فيها شرك أو كانت مجهولة المعنى أن يحتمل أن يكون فيها كفر ، فليس لأحد أن يرقى بها ولايعزم و لايقسم ، وإن كان الجن قد ينصرف عن المصروع بها فإن ما حرمة الله و رسوله ضره أكثر من نفعه – مجموع الفتاوى ( 23/277) –
و قال في وضع آخر : وعامة ما بأيدي الناس من العزائم و الطلاسم و الرقى التي لاتفقه بالعربية فيها ما هو شرك بالجن .
ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لايفقه معناها ، لأنها مظنة الشرك و إن لم يعرف الراقي أنها شرك ، وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا نرقى في الجاهلية ، فقلنا يارسول الله ، كيف ترى في ذلك ، فقال : أعرضوا على رقاكم ، لابأس بالرقى مالم يكن فيه شرك - أخرجه مسلم في السلام
وقال ابن عبد البر رحمه الله : و أما طرد الشياطين بالتلاوة و الذكر و الآذان فمجتمع عليه مشهور في الأثار – التمهيد ( 19/46) –
و قال النووي رحمه الله : و ما الرقى بأيات القرآن و بالافكار المعروفة فلانهى فيها بل هو سنة –صحيح مسلم –
وقال البغوي رحمه الله : فأما ما كان بالقرآن ، وبذكر الله عز وجل ، فإنه جائز مستحب – شرح السنة (12/109) –
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : وكذلك الرقى و التعاويذ محمولة أيضا على ذلك أو على ما إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدري ماهي ، ولعله يدخلها سحر او كفر أو غير ذلك مما لايعرف معناه فإنها حينئذ حرام ، وصرح به الخطابي و البيهقي ، وابن رشد و العز بن عبد السلام وجماعة من أئمة الشافعية و غيرهم .
وقال في الشرح الصغير : لايرقى بالأسماء التي لايعرف معناها قال مالك : و ما يدرك لعلها كفر - الموسوعة الفقهية -
قال القرافي : والرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام و الأدواء والأسباب المهلكة ، ولايقال لفظ الرقى على ما يحدث ضررا بل ذلك يقال له سحر ، وهذه الألفاظ منها ماهو مشروع كالفاتحة و المعوذتين ، ومنها ما هو غير مشروع كرقى الجاهلية والهند وغيرهم ، وربما كان كفرا ، ولذلك نهى مالك وغيره عن الرقى بالعجمية لإحتمال ان يكون فيه محرم – الفروق ( 4/147) –
وقال العيني : قال الخطابي : الرقية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي مايكون بقوارع القرآن ، وبما فيه ذكر الله تعالى على ألسن الأبرار من الخلق الطاهرة النفوس ، وهو الطب الروحاني ، وعليه كان معظم الامر في الزمان المتقدم الصالح أهله ، فلما عز وجود هذا الصنف من أبرار الخليقة مال الناس إلى الطب الجسماني حيث لم يجدوا للطب الروحاني نجوعا في الأسقام لعدم المعاني التي كان يجمعها الرقاة وما نهى عنه هو رقية العزاميين ومن يدعي تسخير الجن -عمدة القارئ –
قال الذهبي : قال الخطابي و أما إذا كانت الرقية بالقرآن أو بأسماء الله تعالى ، فهي مباحة فإن النبي كان يرقي الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فيقول : أعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ، وفي رواية و بالله المستعان وعليه التكلان – كتاب الكبائر –
وجمل الدكتور ابراهيم البريكان ماسبق ذكره بقوله : ويشترط للرقى المباحة عدة شروط هي :
1 – أن تكون بكلام الله ، أ و بأسمائه أو بصفاته ، أو بالأدعية النبوية المأثورة عنه في ذلك
2 – أن تكون باللسان العربي
3 – أن يكون مفهوم المعنى
4 – أن لا تشتمل على شيئ غير مباح ، كا لإستغاثة بغير الله أو دعاء غيره أو إسم للجن أو ملوكهم ونحو ذلك
5 - ألايعتمد عليها
6- أن يعتقد أنها لاتؤثر بذاتها بل بإذن الله القدرى.
فإن اختل شرط فهي رقية محرمة غير شرعية .
أيات و أحاديث في الرقية الشرعية
لقد ورد الكثير من الأحاديث في الرقية وفي فضل القرآن العظيم فيها ولنا أن نضع لكم جزءا يسيرا مما ورد
الرقية بفاتحة الكتاب
قال البخارى في أول كتاب التفسير : وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة وقيل سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته .
عن أبي سعيد بن المعالي الأنصاري المدني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك سورة هي أعظم سورة في القرن ؟ قبل ان تخرج فأخذ بدي ، فلما أراد أن يخرج قلت : يا رسول الله إنك قلت : ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن ، قال : (الحمد لله رب العالمين) هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته - أخرجه أبو داود في سننه و النسائي –
- عن أبي سعيد الخضري رضي الله عنه قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدع سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء لاينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم ان يكون عند بعضهم شيء ، فأتوهم : فقالوا يا أيها الرهط ، إن سيدنا لذغ ، وسعينا له بكل شيء لاينفعه ، فهل عند أحدكم من شيء ، فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقى ، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا ، فصالحوهم على قطيع من الغنم ن فانطلق يتفل عليه ، ويقرأ ( الحمد لله رب العالمين ) فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشى وما به قلبه ، قال : فاوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى : لاتفعلوا حتى نأتي رسول الله ، فنذكر له الذي كان فننظر بما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله فذكروا له ذلك ، فقال : وما يدريك أنها رقية ، ثم قال : قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما - متفق عليه –
وفي بعض روايات الحديث أنه قرأ الفاتحة سبع مرات ، و نص الحديث كما ثبت عن أبي سعيد الخذري أنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا ، فلذع سيدهم فأتونا فقالوا هل فيكم من يرقى من العقرب ؟ فقلت : نعم أنا ولكن لا أرقيه حتى تعطونا عنما ، قالوا : فإن نعطيكم ثلاثين شاة فقبلنا ، فقرأت عليه الحمد لله سبع مرات فبرأ وفبضنا الغنم ، قال : فعرض في أنفسنا منها شيء ، فقلنا لاتعجلوا حتى تأتوا رسول الله . قال فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت ، قال وما علمت أنها رقية ؟ اقبضوا الغنم ، واضربوا لي معكم بسهم – أخرجه الترميذي وابن ماجة وقال الألباني صحيح –
عن عم خارجة بن الصلت التميمي رضي الله عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، ثم أقبل راجعا من عنده ، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثوق بالحديد فقال أهله : إنا حدثنا أن صاحبكم هذا ، قد جاء بخير ، فهل عندك شيء تداويه ؟ فرقيته بفاتحة الكتاب ، فبرأ ، فأعطوني مائة شاة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته : فقال : هل إلا هذا ، وقال مسدد في موضع أخر هل فقلت غير هذا ؟ فقلت لا قال : خذها فلعمري لمن أكل برقية باطل ، لقد أكليت برقية حق – أخرجه أبو داود و أحمد و النسائي وقال الألباني صحيح –
الرقية بسورة البقرة
لقد ورد في فضل سورة البقرة أحاديث كثيرة في فضلها وفوائدها من بينها لا الحصر
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاتجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة ، وفي رواية : لاتجعلوا بيوتكم مقابر ، و إن البيت الذي تقرأ البقرة فيه لايدخله الشيطان - أخرجه مسلم و احمد و النسائي و الدرامي -
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها فإن تعلمها بركة وتركها حسرة لاتستطيعها البطلة - أخرجه أحمد و البيهقي و الطبراني –
الرقية بآية الكرسي
في حديث أبي هريرة رضي الله عنه و الحديث طويل و الشاهد منه : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي حتى تختمها فإنه لن يزال عليك من الله حافظا و لايقربك شيطان حتى تصبح – أخرجه البخاري رقم 2311 –
الرقية بأواخر سورة البقرة
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه . – أخرجه البخاري ، قال ابن القية رحمه الله : الصحيح كفتاه شر ما يؤذيه .
الرقية بسورة الرحمن
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد قرأتها – يعني سورة الرحمن – على الجن ليلة الجن ، فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله (فبأي آلاء ربكما تكذبان ) قالوا : ولابشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد – أخرجه الترميذي و الحاكم وقال الألباني حسن
الرقية بسورة الملك
عن جابر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لاينام حتى يقرأ ( ألم تنزيل و تبارك الذي بيده الملك ) أخرجه البخاري و أحمد و النسائي و الترميذي و قال الألباني صحيح –
الرقية بقراءة سورة الإخلاص
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ، جمع كفيه ثم نفث فيهما و قرأ ( قل هو الله أحد ) و( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا – أخرجه البخاري و أبوداود و الترميذي
الرقية بسورة الكافرون
عن على رضي الله عنه قال : لدغت النبي عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال : (لعن الله العقرب لاتعد مصليا ولاغيره ) ثم دعا بماء و ملح وجعل يمسح عليه ويقرأ بـ ( قل ياايها الكفرون ) ،( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس )