قصة الرجل المؤمن من آل فرعون
من قصص القرآن الكريم


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



قال تعالى :

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }يوسف111

من واجبنا كمسلمين ان نقرأ تلك القصص التي ذُكرت في كتاب الله العزيز ..

ونستقي منها العبر ونجعل من مواعظها منهجاً لنا في حياتنا ...

نأتي هنا على ذكر قصة هذا الرجل المؤمن الذي له أهمية كبيرة في قصة سيدنا موسى عليه السلام

لنستقي العبرة والموعظة الحسنة من خلال سرد الأحداث التي دارت في مكان اجتمع فيه الطاغوت والأيمان

وكانت كلمة الله فيه هي العليا ....

قال تعالى :

وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ{28}

التفسير الميسر :

وقال رجل مؤمن بالله من آل فرعون, يكتم إيمانه منكرًا على قومه: كيف تستحلون قَتْلَ رجل لا جرم له عندكم إلا أن يقول ربي الله, وقد جاءكم بالبراهين القاطعة مِن ربكم على صِدْق ما يقول؟ فإن يك موسى كاذبًا فإنَّ وبالَ كذبه عائد عليه وحده, وإن يك صادقًا لحقكم بعض الذي يتوعَّدكم به, إن الله لا يوفق للحق مَن هو متجاوز للحد, بترك الحق والإقبال على الباطل, كذَّاب بنسبته ما أسرف فيه إلى الله.

العبر المستقاة

اولا ً : الشجاعة :
انها شجاعة مطلقة التي يحتاجه أي شخص يقف في حضرة طاغية ومتجبر مثل فرعون ويدافع عن شخص يعتبره هذا

الطاغية عدوه الأول .. انها شجاعة الأيمان التي يبثها الله تعالى في قلوب عباده الصادقين

ثانياً : استخدام المنطق في المناقشة مع الآخر

لننظر كيف استخدم المنطق واللين في طريقة حديثه وكيف بدأ بأسلوب رقيق وجادل قومه بالتي هي أحسن



يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ{29}

التفسير الميسر :

يا قوم لكم السلطان اليوم ظاهرين في أرض "مصر " على رعيتكم من بني إسرائيل وغيرهم, فمَن يدفع عنا عذاب الله إن حلَّ بنا؟قال فرعون لقومه مجيبًا: ما أريكم- أيها الناس- من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحًا وصوابًا, وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصواب.

العبر المستقاة

نرى كيف أستمر الرجل المؤمن بأستخدام اسلوبه الرقيق في الحديث مع قومه ليُثبت عليهم الحجة
وكيف انه ذكرهم بمكانتهم في الأرض والحكم .. فماذا أن اكن موسى عليه السلام على حق وسُلب منهم كل هذا ؟؟
نرى كيف انه بدأ يحرك فيهم مشاعر مختلفة تجبرهم على مسايرته بالتفكير والتحليل المنطقي وذكرهم باهمية بعض الأمور لهم
وهذا بالتأكيد ساعده على الأستحواذ على الموقف ..

ونرى هنا رد فرعون الداهية الذي بدأ يشعر بتجاوب الملأ من حوله مع هذا الرجل المؤمن فأراد ان
يُظهر لهم انه يهتم لرأيهم أيضاً وانه ليس ذلك الطاغية المنفرد بالقرارات حتى يلهيهم عن مجاراة الرجل المؤمن بالتفكير

والأنصياع لما يقوله لهم ..وبدأ يحدثهم انه هو صاحب طريق الحق والصواب وهذا أمر ليس غريب عن رجل مثل فرعون ..



وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ{30} مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ{31}

التفسير الميسر :

وقال الرجل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه واعظًا ومحذرًا: إني أخاف عليكم إن قتلتم موسى, مثل يوم الأحزاب الذين تحزَّبوا على أنبيائهم.مثلَ عادة قوم نوح وعاد وثمود ومَن جاء بعدهم في الكفر والتكذيب, أهلكهم الله بسبب ذلك. وما الله سبحانه يريد ظلمًا للعباد, فيعذبهم بغير ذنب أذنبوه. تعالى الله عن الظلم والنقص علوًا كبيرًا.

العبر المستقاة

وهنا استمر الرجل المؤمن بأدارة الحوار الذكي مع قومه فنحى منحى جديداً وهو تذكيرهم بمصير الأمم السابقة التي كذبت أنبيائها
ذكرهم ان مصيرهم سيكون مشابهاً لمصير هذه الأمم بسبب تكذيبهم لموسى عليه السلام وهو مستمر بتحريك مشاعرهم
وجعلهم يخضون غمار التفكير المنطقي والخوف على فقدان المميزات التي وُهبت لهم والتعرض لمصير مفزع
وهو اسلوب الأذكياء والذين أنعم الله تعالى عليهم بالحكمة بمجادلة الطرف الآخر واقناعه ...



وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ{32} يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{33}


التفسير الميسر :

ويا قوم إني أخاف عليكم عقاب يوم القيامة، يوم ينادي فيه بعض الناس بعضًا; من هول الموقف ذلك اليوم.يوم تولون ذاهبين هاربين, ما لكم من الله من مانع يمنعكم وناصر ينصركم. ومَن يخذله الله ولم يوفقه إلى رشده, فما له من هاد يهديه إلى الحق والصواب.

العبر المستقاة

واستمر الرجل المؤمن بأسلوبه الذكي بتخويفهم من عواقب أفعالهم وذكرهم هنا بيوم القيامة واهواله عليهم ان كذبوا موسى وهو صادق .. ومما لا شك فيه ان اسلوبه هذا قد حرك فيهم الكثير من المشاعر وقد جرهم الى تأييده في رأيه